بأن الفودو ما هو إلا طقوس لممارسة السحر الأسود
والدمية كما هو معروف للبعض مجرد دمية تصنعها من أي شيء في متناول يدك, حتى لو كان
مجموعة من القش, وتلبسها بملابس قماشية, ثم تضم إلى هذا كله شيئا من الشخص
الذي تريد التأثير عليه بدمية الفودو.. شعره.. قطرات من دمه.. أظافره
بعد أن تصنع الدمية ستمسكها وستبدأ في ترديد طقوس وأناشيد الفودو والتي يجب أن تكون
مؤمنا بها إيمانا مطلقا وإلا فلا داعي لإضاعة الوقت
ثم ستحضر مجموعة من الإبر الطويلة, لتبدأ المرح.. بدمية الفودو يمكنك التأثير على الشخص
الذي صنعت الدمية لأجله, ويمكنك التحكم في تصرفاته أو تعذيبه أو حتى قتله, وفقا لقوتك
الروحية وتمكنك من طقوس الفودو
البعض يظن أن هذه الدمية هي سحر أسود حقيقي والبعض يعتقد أنها مجرد هراء
وأيا كان الأمر فمن المفضل دائمًا عدم العبث فيما يتعلق بالسحر, وإلا لما جاءت جميع
الأديان السماوية بنصوص صريحة تنهي عن ممارسة السحر أو محاولة تعلمه
وسواء كان الأمر حقيقة أو هراء, سيبقى الفودو محتفظا بغموضه وأهميته
وسط المعتقدات في تاريخ البشرية, وستظل صورة ذلك الإفريقي الذي يرقص عاري
الجذع وقد غطت الأصباغ وجهه في ضوء القمر, هي أول ما يتبادر إلى ذهننا حين نسمع هذه
الكلمة الرهيبة.. كلمة.. فودو
البعض يظن أن هذه الكلمة لا تعني سوى السحر الأسود, والبعض الآخر يظن أنها مذهب ديني لم يعد له وجود, في حين يصرّ البعض على أن الأمر كله مجرد خرافة لا أساس لها من الصحة, لذا أعتقد أنه حان الوقت لنزع الغموض عن هذا الموضوع الشيّق, وسنبدأ في هذا على الفور..
يؤمن العديد من المؤرخين بأن مذهب الفودو وجد في إفريقيا منذ بداية التاريخ الإنساني, ويقول بعضهم إنه يمتد إلى 10 آلاف عامًا بالتحديد, لكن الدراسات المستمرة في هذا الموضوع خرجت علينا بنظريات جديدة, ومنها أن أهم أسباب تشكيل ديانة الفودو على هذا الشكل الذي يعرفه الآن, كان الاحتلال الأوروبي لإفريقيا, وبدء تجارة العبيد..
وكلمة فودو (Voodoo) في حد ذاتها شتقة من كلمة (Vodun) التي تعني (الروح), وكان انتشار هذه العقيدة التي بدأت في جزر الكاريبي سريعًا, حتى أنه شمل كافة الدول والمقاطعات الإفريقية, مما ساهم في نجاح وبقاء هذا المذهب الجديد.
كل شيء واحد كبير.. هذا هو الأساس الذي بنيت عليه ديانة الفودو, والمقصود هنا هو أن كل شيء في هذا الكون ينتمي إلى الآخر, فلا يوجد أنا وأنت, بل نحن الاثنان جزء من واحد كبير هو الكون ذاته, ومعنى هذا أن التأثير على جزء سيؤدي إلى التأثير عليك وبالتالي على الكون الواحد الكبير.. وهذه النظرية –وإن بدت لك غريبة– ذات أساس علمي بحت, فأثبت كثير من العلماء أن كل شيء في هذا العالم له علاقة بكل شيء آخر حوله, وأننا كلنا أجزاء من كل واحد, لكن الاختلاف في عقيدة الفودو أنهم لا يرهقون أنفسهم بالمعادلات العلمية, بل يكتفون بالتفسيرات الروحانية لكل شيء.
و كثيرًا ما تتمثل صورة الإله في ديانة الفودو, في هيئة أفعوان ضخم, حتى أن البعض ترجم كلمة فودو على أنها (الأفعى التي تجمع كل من لديهم الإيمان).. و كأي ديانة أخرى سنجد أن هناك الكهنة ذوي المراتب العليا, والذين يطلقون عليهم ألقاب (الأب) و(الأم), وهؤلاء الكهنة هم في الواقع خدم الإله أو الأفعوان الكبير, يعاقبون باسمه ويكافئون باسمه.
وبينما يطلقون على الإله الأكبر اسم (بون ديو), نجد أن لديهم آلاف الأوراح التي تجوب الأرض من حولهم, ويطلقون على هذه الأرواح اسم (لوا) , و هذه الـ(لوا) قد تتمثل في أشكال عدة, منها الـ(دامبالاه) و(أجوا)
و(أوجو) و(ليجبا) وغيرها كثير.. لكن ما دور هذه الـ(لوا) بالضبط؟!
خلال احتفالات وطقوس الفودو, قد تتجسد هذه الـ(لوا) في أجساد بعض من يؤدوون هذه الطقوس, وفي هذا دلالة أكيدة على أنهم من المؤمنين المخلصين, وبالتالي يتحول هؤلاء الأشخاص في حد ذاتهم إلى (لوا), يعملون على النصح والتحذير مما هو آت.
و لأن عقيدة الفودو روحانية بالدرجة الأولى, سنجد أنهم يفسرون كافة الظواهر الطبيعية على أنها أفعال الـ(لوا), فالإعصار على سبيل المثال, هو تجسد للـ(لوا أجوا)!
والموسيقى والرقص هما أساس احتفالات الفودو وهما الطريقة المثلى للاتصال بالأرواح, وهذا ينفي ذلك الاعتقاد السائد بأن هذه الرقصات ما هي إلا وسيلة لزيادة الإخصاب عند من يرقصون.. فهذه الرقصات هي وسيلتهم للوصول إلى الحالة الروحانية الحقة التي تؤهلهم للتحدث مع الموتى.
و على أساس التفاصيل المذكورة, نجد أن عقيدة الفودو اجتماعية للغاية, وهي لا تؤثر على الفرد كفرد, بل على العائلة في المجمل.. فكل فرد يؤدي الطقوس المطلوبة منه, وأرواح آبائه وأجداده ترعاه طيلة الوقت, لذا فهو يطلب منه النصح والإرشاد والمعاونة, وفي الوقت ذاته قد يلعب كاهن الفودو دور الحاكم أو الطبيب للجماعة, بأن يداوي أمراضهم باستخدام الأعشاب أو الأدوية التي يصنعها بنفسه, على أساس أن خبراته الطبية هذه ورثها من الآلهة والأرواح.
على الرغم من مكانة الفودو المقدسة بين الأديان القديمة, نجد أنه قد تعرض لتشويه صورته أكثر من مرة, فهناك من اتهمه بأنه مذهب بربري يحض على العنف والقتل والجنس والسحر الأسود.. وأغلب الظن أن هذه الشائعات كلها جاءت من المستعمرين الذين وجدوا في الفودو رابطًا قويًا يربط بين الأفارقة الذين ينتزعوهم من بلادهم ليحولوهم إلى عبيد, حتى أن سياسة المستعمر كانت تعتمد على تجريد العبد من لغته وديانته وطقوسه المعتادة, بأن يجبروه على اعتناق المسيحية وتعلم اللغة الإنجليزية –أو الفرنسية كما كان يحدث في تاهيتي–
وهكذا كان على أتباع هذا المذهب أن يجدوا حلاً لهذه المشكلة, فأولاً مع تغيير لغتهم أصبح من اللازم الحصول على بديل إنجليزي أو فرنسي لينطقوا به الطقوس الإفريقية, وقام بعضهم بمزج طقوس الفودو بالطقوس المسيحية, ليتمكن من ممارستها سرًا ودون أن يتعرض للعقاب.
آخر ما سنمر عليه في هذا المقال هو دمية الفودو الشهيرة, والتي يمكننا أن نقول بنوع من الثقة إنها أساس اعتقاد الأغلبية بأن الفودو ما هو إلا طقوس لممارسة السحر الأسود.
بعد أن تصنع الدمية ستمسكها وستبدأ في ترديد طقوس وأناشيد الفودو -والتي يجب أن تكون مؤمنًا بها إيمانًا مطلقًا وإلا فلا داعي لإضاعة الوقت– ثم ستحضر مجموعة من الإبر الطويلة, لتبدأ المرح..
بدمية الفودو يمكنك التأثير على الشخص الذي صنعت الدمية لأجله, ويمكنك التحكم في تصرفاته أو تعذيبه أو حتى قتله, وفقًا لقوتك الروحية وتمكنك من طقوس الفودو.
البعض يظن أن هذه الدمية هي سحر أسود حقيقي والبعض يعتقد أنها مجرد هراء, وأيًا كان الأمر فمن المفضل دائمًا عدم العبث فيما يتعلق بالسحر, وإلا لما جاءت جميع الأديان السماوية بنصوص صريحة تنهي عن ممارسة السحر أو محاولة تعلمه.
وسواء كان الأمر حقيقة أو هراء, سيبقى الفودو محتفظًا بغموضه وأهميته وسط المعتقدات في تاريخ البشرية, وستظل صورة ذلك الإفريقي الذي يرقص عاري الجذع وقد غطت الأصباغ وجهه في ضوء القمر, هي أول ما يتبادر إلى ذهننا حين نسمع هذه الكلمة الرهيبة..
كلمة.. فودو..!!